حاورته كفاح عبد الحليم
أطلقت واحدة من الصرخات للدفاع عن مصير، ليس فقط شقيقتي وأولادها، إنما مصير كافة الفلسطينيين والسوريين الذين سكنوا في المخيم. في معرضي “إلى لطفية- اختي في مخيم اللاجئين اليرموك” تسائلت عن مصير هؤلاء.
.
واضح بان اختي أخذت الحيز الأكبر من المعرض ولكني حاولت طرح آفاق وتطلعات أوسع بهذا الشأن. أيضاً بالمواضيع التي تخصنا هنا، كنت شاملاً في طرح قضايا الأقلية الفلسطينية في إسرائيل ومنها موضوع من يسموا بال”شباحيم” (اللذين يمكثون في البلاد بشكل غير قانوني) وموضوع القرى غير المعترف بها والكثير الكثير من الشخوص والانطباعات من الحيز الفلسطيني في هذا الوطن.
يقال بأن هناك تشابه بين أعمالك وبين الأعمال الفنية الشيوعية في الصين، فيتنام (شمال فيتنام بالماضي) ودول مختلفة في أفريقيا.
أقول بحذر- صياغة موقف الفنان بهذا الشكل تجرده من الإنتماء الآخر. الشخص ليس فقط له دور ضمن ثقافات العالم إنما ايضاً له ثقافة وبلاغة فيها نسمات وروائح محلية. كوني درست وتأثرت بعوالم مختلفة، لا ينفي أبداً صرختي كوني أيضاً فلسطيني- لهذه الخلفية ميزات أخرى. في الفترة التي جسدت فيها الوضع السياسي من خلال رسومات بالابيض والاسود، تعاملنا نحن الفنانين آنذاك مع الملصقات كأداة تعبير قوية بامكانها النفوذ إلى قلوب المشاهدين. طرأ كذلك تطور إبداعي على عملي هنا حيث تأثرت وأثرت بالأساليب والمواد التي من شأنها ان تأكد على إنتمائي المكاني. الفنان الألماني بارلخ، مثلاً، تعامل مع الحرب التي سادت باوروبا دون التأكيد على أي عناصر محلية. أما لدي فهناك ميزات خاصة بي لا تجديها بأماكن أخرى على الرغم من أنني تأثرت بالكثيرين طبعاً. تعاملي مع المواد له طابع آخر- كيس الخيش، الخرز، الكتابة وغيرها تحمل روح أخرى لكن هذا لا ينفى ابداً التأثر. من الغباء اصلاً بان لا يكون الفنان بموضع التأثر والتأثير- فدوره دينامي من مجرد طبيعته. هناك نوع من الانطباع ولد عندي خاصةً وأنني لم أدرس بمدارس إسرائيلية انما في مراكز عالمية – بأن هناك ربما نوع من الحسد وكأنني اذا درست بألمانيا فانا “محسوب” على الشيوعية. كان علي أن أثبت وجودي هنا رغم إنتمائي للفكر الاشتراكي. جودة العمل هي التصريح المباشر لدخول العالمية على الرغم من ان هنالك فئات في إسرائيل كانت ترغب في رعاية بعض الفنانين المحليين وكأنهم هم من صنعوهم. أنا كنت “نشازاً” بينهم وأعتقد بانني قمت بشق طريقي ونجحت بذلك.
Abed Abdi working at the International Art Colony. Photography by Amir A. Abdi.
هل بالإمكان القول بأننا قفزنا قفزة نوعية وتوعوية بكل ما يتعلق برؤيتنا للفن؟
يمكن بسبب نشاطي في مجال التوعية، إستطاع قسم من الفنانين الشباب أن ينتظموا وأن يدرسوا موضوع الفنون الجميلة، هذا بعد أن كان هنالك ثلاثة عرب فقط يدرسون الفنون دراسة أكاديمية منذ 1948 وحتى سنوات السبعين- ابراهيم ابراهيم من الرينة وعبد يونس اللذان درسا في “بتسلئيل” إضافةً لي. نحن نشهد بأنه ومنذ سنوات التسعين من القرن الماضي، بدأنا نرى العشرات من الشباب في الكليات والمدارس الفنية وإلخ. واليوم، بعكس المتوقع من العطاء المقنن، نقفز قفزة رهيبة، ولكن عقلية التحاور مع الإبداع الفني كحاجة إجتماعية وثقافية ما زالت محدودة في الحيز. نسبة الإلتحاق بالمدارس الفنية بالمقارنة مع عدد المتلقين هي أكبر بكثير، ولكن نحن على أمل بان نجد بيئة مريحة أكثر في المستقبل للفنان وللجمهور. هناك إقبال أكثر اليوم إلا أن نسبة المشاهدين العرب تكون أقل أحياناً من نسبة اليهود حتى في المعارض التي تقام في صالة العرض بأم الفحم لنقل. النهج القابل للتغيير أن يأخذ الجمهور موضوع الفنون على محمل الجد ويعتبره كأداة هامة – هنالك أواسط بدأت تدرك ذلك وهذا معناه بأن وضعنا أفضل فمن ناحية الفنان بيئة كهذه تكون حتماً مشجعة أكثر بكثير.